قيروان العواصم والهوى ~ شعر شكري سلطاني~

قيروان العواصم والهوى ~ شعر شكري سلطاني~

قبّلت فيك جلالة الأسوار

وبكيت من هجر الحبيب مزاري

وطويت بحرا في العيون على اللّظى

وغشيت حبّا أدهم التيّار

فشهدت موجا والأسنّة في العلى

ورحلت وحدي سامق الأشعار

يا قيروان أفي العيون معاجم

تشفي الشّغوف ذواهب الأخبار

ها قد أتيت من الجنوب مضرّجا

مضنى اللّثام مؤرّق الأشفار

ما بال بابك قد تطاول صرحه

خلف العصور مغلق الأزرار

يا أنت يا مهوى العواصم والهوى

ها قد أنخت حقائب الأسفار

ها قد حملت من الجنوب رسائل

تبكي المراكب ساعة الإبحار

يا شمس إنّي في هواك معذّب

والوصل منك عصارة الأمطار

هل أنت إلاّ في الزّمان قصيدة

بكر اللّحون عريقة الأوتار

لو عاد عقبة يا بلاد مولها

لحنيت عشقا فاتر الإبصار

ليت الرّسوم وقد تعتّق عهدها

تهب الغريب كواعب الأسرار

ليت الخيول من الصّهيل تقدّني

لأثير من لهب الصّهيل غباري

دوري وروّي يا جرار حصارة

سمراء شفت في حلى الأنوار

دوري عليها يا جرار ورتّلي

أوراد حبّ شيق الأذكار

كلف الفرات أ قيروان بسحرك

واهتاج دمعا شامخ الأنهار

شغف الفرات وذاك دجلة حبّه

غمر العواصم طائرا فاختاري

والشّام لجّت في الصّبابة ناره

يشتاق فيك رسائل السمّار

يا قيروان تمنّعي وتسامقي

وقفي بجفن الدّهر كالمسمار

هل أنت إلاّ في ذراه يمامة

عربيّة من أعرق الأطيار

يا قيروان عشقت فيك يتيمة

أسرت هواك بدورة الأقمار

سمراء مثلك غير أنّك طفلة

ما جرّبت في العشق والإبحار

رفلت ودارت في ثراك كأنّها

راح تفتّق من لمى الأنوار

فشربت من سهم الجفون منيّتي

حتى بلغت من الهوى أغواري

يا قيروان لقد خططت قصائد

ونضوت عن دوح الكلام غباري

يا قيروان إليك ألف تحيّة

ومن التّحايا جدّة الأعمار

ها حضرموت هفت تروم زيارتي

عفوا فإنّ فراقكم كالنّار

إنّ الفراق وإن تطاول وقته

فالحبّ فجر في دجى الأعمار

سأعود يوما قيروان لمهدكم

إن آزرتني صهوة الأقدار