في ذكرى وفات سيّد لسياد : ماتت البورقيبيّة قبل موت بورقيبة
الرّئيس الرّاحل الحبيب بورقيبة رحمه الله و جازاه بأفعاله جزء من الذّاكرة الوطنيّة و من تاريخ حركة التحرير الوطني و بناء دولة الاستقلال ... أمّا البورقيبيّة فقد انتهت بفعل الثّورة و لم يبق منها إلا آثارها الماثلة للعيان : قليل منها إيجابي و أكثرها دمار و خراب معنويّ و مادّي على امتداد أجيال ... استعادتها اليوم باعتبارها عنوانا للإنقاذ و حلاّ للرّاهن السياسي ضرب من التوظيف الهزليّ و المتاجرة بالتّاريخ ... البورقيبيّة لم تكن تعني شيئا لولا ما صاغه مثقّفوا التزلّف و المناولة من كتب و مقالات مدفوعة الأجر ... ليست فلسفة و لا منهجا و لا فكرا و لا تصوّرا ... بل سلوك سياسيّ أحاديّ فرديّ استبداديّ مطلق كرّس سلطة الحزب الواحد و همّش جهات و فئات و حرمها من الحقّ في الكرامة و الحريّة و العدالة الاجتماعيّة ... أمّا ما يشكّل فخرا لهذه التّجربة فهو هجين ملتبس مدخول بكلّ الاخفاقات و الإخلالات ...
انتهت البورقيبيّة قبل موت بورقيبة ... و اضمحلّت بفعل الثّورة على رموزها و بقاياها و ورثتها المزيّفين ... انتهت البورقيبيّة يا عرّابيها و يا من يريدون بعثها من الرّميم للتمعّش السياسي من خيراتها الوهميّة ... مات بورقيبة و لا تجوز عليه إلا الرّحمة و بقيت سيرته و تاريخه و تجربته موضوعا للبحث العلمي الرّصين و النقد المنهجي النّزيه
0 التعليقات :