ّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّيساري و افتخر/ في الحنين لبورقيبة و عطالة الفكر السياسي السائد
تعقيب على مقال نشره يساري سابق هو السيد ناجي جلول بعنوان "(لست دستوريا وإنما أنا بورقيبي وأفتخر) و كان مناسبة للصديق الامين البوعزيزي لسحب موقف السيد جلول على" اغلب اليساريين التونسيين" فاقتضى التوضيح
...............
................
حملة هوجاء محورها "الزعيم الاوحد" و "المجاهد الاكبر" .حملة تطرح اكثر من سؤال في ظرفية تاريخية دقيقة يمر بها المجتمع التونسي ، طرحت فيها انتفاضته الشعبية في 17 ديسمبر بالضبط :القطع مع منظومة الاستبداد في الداخل و التبعية للخارج الامبريالي اقتصاديا و سياسيا و امنيا و ثقافيا ،التي بلغت اقصى مراحلها مع سلطة بن علي ،و التي لم تكن في جوهرها سوى الامتداد الوفي للنظام الذي اسسه بورقيبة.
من المفارقات المضحكة ان يجتمع البورقيبيون الذين انقلبوا على بورقيبة لحساب ابنه البار بن علي كلمة سواء اليوم على الولاء و التاييد لارثه و شخصه و على رفع "سيّد الاسياد" الى مرتبة التقديس ، في حين انهم تخلوا عنه و صمتوا عن سجنه و عزله لاكثر من عقد .
و من المفارقات المضحكة أكثر ان يجتمع معهم في هذا النهج معارضون سابقون طالما اكتووا بلظى القمع البورقيبي ، و ان يبلغ الامر ببعض اليساريين السابقين التائبين عن "يساريتهم" و "معارضتهم" باعلان انهم "بورقيبيين".
ليس المجال هنا للتقويم المتكامل و الشامل لبورقيبة و لمشروعه السياسي في فترتي الكفاح ضد الاستعمار المباشر او الاستعمار الجديد ، غير انه يمكن ان نطرح بكل اختزال ان المشروع البورقيبي كان جزءا من المشروع السياسي الليبيرالي الذي شهدته تونس و عدد من البلدان العربية منذ بدايات القرن العشرين .هذا التيار/المشروع كان "يقاوم" المحتل و هو يتمثل و يتبنى "قيمه" النظرية و الفلسفية المرجعية الحلال لديه و المحرّمة على "الانديجان" ،و لا يعارض استراتيجيا المحتل و غاياته و أهدافه القائمة على النهب و الاستعباد لشعوب المعمورة.
و قد تبدّى فشل هذا التيار/المشروع على وجه الخصوص عند توليه السلطة و تنكره للشعارات و المرتكزات الليبيرالية ذاتها التي انبنى عليها و ذلك من خلال بناء نظام حكم استبدادي فردي يلغي الحريات العامة و الفردية و ينفي حق المواطنة و السيادة الشعبية.
لا يمكن لاي تقويم موضوعي ان ينفي "منجزات" هذا التيار/المشروع و لكن لا بد من مرافقة ذلك بالتصويبات الضرورية.قالتحديث المنجز مثلا لم يكن في الواقع تثويرا جذريا و فعليا للبنى السائدة في المجتمع التونسي بل كان تحديثا عصرانيا شكليا اتخذ طابع الاكراه و القسر الفوقي من مركز الدولة و لم ينبع من وعي و ارادة التونسي...و لم يجد هذا التيار من مانع في التوظيف السياسوي للدين و بلغ به عدم التماسك الى التقاطع و حتى التحالف مع التيارات الاسلاموية و دعمها لضرب خصومه اليساريين و القوميين و ذلك وقع في تونس مع بورقيبة او في مصر في بداية السبعينيات.
قد نعود مجددا لنقاط تقويمية اخرى من الارث البورقيبي و لكن ما يهمنا في هذا المجال هو تفكيك بواعث و مرتكزات و تداعيات الحملة الهوجاء التي شهدتها و تشهدها وسائل الاعلام هذه الايام بمناسبة ذكرى وفاة بورقيبة.ليس هناك من شك في ان هذه الحملة لا علاقة لها من قريب او من بعيد باية مقاربة علمية موضوعبة ، كما انه لا علاقة لها بدافع الوفاء و الانتماء لمدرسة سياسية مزعومة اسمها البورقيبية .و هي مزعومة بمعنى انها لم توجد اصلا حيث ان بورقيبة كان يمارس الحكم الاستبدادي الفردي المطلق ببراجماتية لا تتورع عن جمع التمشي السياسي و نقيضه.
ما تهدف له هذه الحملة الهوجاء هو في الحقيقة مواصلة استراتيجية فصف العقول و توجيه الراي العام بتسويق صورة الزعيم المرجع الذي لا يضاهى .و هذا النفخ في صورة الزعيم "الغائب" هو في الواقع نفخ و نسويق لصورة الزعيم الحي بيننا الذي .يجسّم ارثه .و ذلك ما يفسر هيستيرية التنازع ليس فقط على الارث السياسي المزعوم للزعيم بل ايضا على جثة الزعيم الغائب في مثواه الاخير بين اتباعه الذين تمعشوا من حكمه ثم تخلوا عنه و بين معارضيه الذين يعلنون توبتهم و يطلبون المغفرة لمعارضتهم له مقابل رفع قميصه و رايته.
و علاوة على ما تكشفه هذه الحملة الهوجاء من عدم تحرج سياسيي السيستام السائد من استعمال و توظيف كل ما يساعدهم على بسط سيطرتهم المادية و الرمزية على العقول ..و على السلطة ، فانها أيضا تكشف مسالة في غاية الاهمية و هي حالة الخلل الهيكلي و العطالة في بنية الفكر السياسي السائد.
فما يحيل له الحنين لبورقيبة هو هروب نحو الماضي بصفته حلا لمشاكل الحاضر.و هو اعتراف صريح بعدم تملك مشروع بديل لمتطلبات تونس اليوم و غياب اية مقاربة استشرافية لتونس المستقبل.
انه باراديغم النموذج الاول الصافي المتعارض مع التاريخ في تطوره و تراكماته الكمية و النوعية.باراديغم الجنة المفقودة و المجتمع الفاضل و السلف الصالح الذي يجاهد ادعيائه من سلفيي كل العصور و الايديولوجيات لاعادة البشر اليها و لو كان ذلك و هم مكبلين بالسلاسل.
ان من يحيا في الماضي لا حاضر و لا مستقبل له .و من يبحث عن حلول لقضايا البشر اليوم في اجابات عن متطلبات عاشها البشر في الماضي انما يمارس الشعوذة السياسية.و لا بفوتنا التذكير بان الارث البورقيبي الذي يعلن أوفيائه القدامى و الجدد الولاء له هذه الايام ، لم يكن هو ايضا خاليا من هذا التمشي حيث ان ادراك و وعي بورفيبة بفقدان حكمه للشرعية جعله يسعى الى تثبيت تلك الشرعية المفقودة من خلال العودة/الركون الى ماضي شرعية الـ 50 سنة كفاح...ألخ
ان الحنين لبورقيبة هو ليس الا وجه من وجوه اخفاق و عطالة الفكر السياسي السائد في تونس.انه نفس الفكر الذي لم يقطع صلاته العضوية مع السيستام الحاكم و الذي يبحث له دوما عن مخارج لازماته و عن متاريس للحفاظ على مصالحه في مواجهة الهبات الاجتماعية المواطنية ذات المصالح و الطموحات المتناقضة جوهريا مع السيستام و مع كل من ينتجه و يعيد انتاجه.انه نفس الفكر الذي يجزع من الانتفاضة الشعبية فيرتمي في احضان السفارات و عواصم النهب الراسمالي لعرض خدماته .
تعقيب على مقال نشره يساري سابق هو السيد ناجي جلول بعنوان "(لست دستوريا وإنما أنا بورقيبي وأفتخر) و كان مناسبة للصديق الامين البوعزيزي لسحب موقف السيد جلول على" اغلب اليساريين التونسيين" فاقتضى التوضيح
...............
................
حملة هوجاء محورها "الزعيم الاوحد" و "المجاهد الاكبر" .حملة تطرح اكثر من سؤال في ظرفية تاريخية دقيقة يمر بها المجتمع التونسي ، طرحت فيها انتفاضته الشعبية في 17 ديسمبر بالضبط :القطع مع منظومة الاستبداد في الداخل و التبعية للخارج الامبريالي اقتصاديا و سياسيا و امنيا و ثقافيا ،التي بلغت اقصى مراحلها مع سلطة بن علي ،و التي لم تكن في جوهرها سوى الامتداد الوفي للنظام الذي اسسه بورقيبة.
من المفارقات المضحكة ان يجتمع البورقيبيون الذين انقلبوا على بورقيبة لحساب ابنه البار بن علي كلمة سواء اليوم على الولاء و التاييد لارثه و شخصه و على رفع "سيّد الاسياد" الى مرتبة التقديس ، في حين انهم تخلوا عنه و صمتوا عن سجنه و عزله لاكثر من عقد .
و من المفارقات المضحكة أكثر ان يجتمع معهم في هذا النهج معارضون سابقون طالما اكتووا بلظى القمع البورقيبي ، و ان يبلغ الامر ببعض اليساريين السابقين التائبين عن "يساريتهم" و "معارضتهم" باعلان انهم "بورقيبيين".
ليس المجال هنا للتقويم المتكامل و الشامل لبورقيبة و لمشروعه السياسي في فترتي الكفاح ضد الاستعمار المباشر او الاستعمار الجديد ، غير انه يمكن ان نطرح بكل اختزال ان المشروع البورقيبي كان جزءا من المشروع السياسي الليبيرالي الذي شهدته تونس و عدد من البلدان العربية منذ بدايات القرن العشرين .هذا التيار/المشروع كان "يقاوم" المحتل و هو يتمثل و يتبنى "قيمه" النظرية و الفلسفية المرجعية الحلال لديه و المحرّمة على "الانديجان" ،و لا يعارض استراتيجيا المحتل و غاياته و أهدافه القائمة على النهب و الاستعباد لشعوب المعمورة.
و قد تبدّى فشل هذا التيار/المشروع على وجه الخصوص عند توليه السلطة و تنكره للشعارات و المرتكزات الليبيرالية ذاتها التي انبنى عليها و ذلك من خلال بناء نظام حكم استبدادي فردي يلغي الحريات العامة و الفردية و ينفي حق المواطنة و السيادة الشعبية.
لا يمكن لاي تقويم موضوعي ان ينفي "منجزات" هذا التيار/المشروع و لكن لا بد من مرافقة ذلك بالتصويبات الضرورية.قالتحديث المنجز مثلا لم يكن في الواقع تثويرا جذريا و فعليا للبنى السائدة في المجتمع التونسي بل كان تحديثا عصرانيا شكليا اتخذ طابع الاكراه و القسر الفوقي من مركز الدولة و لم ينبع من وعي و ارادة التونسي...و لم يجد هذا التيار من مانع في التوظيف السياسوي للدين و بلغ به عدم التماسك الى التقاطع و حتى التحالف مع التيارات الاسلاموية و دعمها لضرب خصومه اليساريين و القوميين و ذلك وقع في تونس مع بورقيبة او في مصر في بداية السبعينيات.
قد نعود مجددا لنقاط تقويمية اخرى من الارث البورقيبي و لكن ما يهمنا في هذا المجال هو تفكيك بواعث و مرتكزات و تداعيات الحملة الهوجاء التي شهدتها و تشهدها وسائل الاعلام هذه الايام بمناسبة ذكرى وفاة بورقيبة.ليس هناك من شك في ان هذه الحملة لا علاقة لها من قريب او من بعيد باية مقاربة علمية موضوعبة ، كما انه لا علاقة لها بدافع الوفاء و الانتماء لمدرسة سياسية مزعومة اسمها البورقيبية .و هي مزعومة بمعنى انها لم توجد اصلا حيث ان بورقيبة كان يمارس الحكم الاستبدادي الفردي المطلق ببراجماتية لا تتورع عن جمع التمشي السياسي و نقيضه.
ما تهدف له هذه الحملة الهوجاء هو في الحقيقة مواصلة استراتيجية فصف العقول و توجيه الراي العام بتسويق صورة الزعيم المرجع الذي لا يضاهى .و هذا النفخ في صورة الزعيم "الغائب" هو في الواقع نفخ و نسويق لصورة الزعيم الحي بيننا الذي .يجسّم ارثه .و ذلك ما يفسر هيستيرية التنازع ليس فقط على الارث السياسي المزعوم للزعيم بل ايضا على جثة الزعيم الغائب في مثواه الاخير بين اتباعه الذين تمعشوا من حكمه ثم تخلوا عنه و بين معارضيه الذين يعلنون توبتهم و يطلبون المغفرة لمعارضتهم له مقابل رفع قميصه و رايته.
و علاوة على ما تكشفه هذه الحملة الهوجاء من عدم تحرج سياسيي السيستام السائد من استعمال و توظيف كل ما يساعدهم على بسط سيطرتهم المادية و الرمزية على العقول ..و على السلطة ، فانها أيضا تكشف مسالة في غاية الاهمية و هي حالة الخلل الهيكلي و العطالة في بنية الفكر السياسي السائد.
فما يحيل له الحنين لبورقيبة هو هروب نحو الماضي بصفته حلا لمشاكل الحاضر.و هو اعتراف صريح بعدم تملك مشروع بديل لمتطلبات تونس اليوم و غياب اية مقاربة استشرافية لتونس المستقبل.
انه باراديغم النموذج الاول الصافي المتعارض مع التاريخ في تطوره و تراكماته الكمية و النوعية.باراديغم الجنة المفقودة و المجتمع الفاضل و السلف الصالح الذي يجاهد ادعيائه من سلفيي كل العصور و الايديولوجيات لاعادة البشر اليها و لو كان ذلك و هم مكبلين بالسلاسل.
ان من يحيا في الماضي لا حاضر و لا مستقبل له .و من يبحث عن حلول لقضايا البشر اليوم في اجابات عن متطلبات عاشها البشر في الماضي انما يمارس الشعوذة السياسية.و لا بفوتنا التذكير بان الارث البورقيبي الذي يعلن أوفيائه القدامى و الجدد الولاء له هذه الايام ، لم يكن هو ايضا خاليا من هذا التمشي حيث ان ادراك و وعي بورفيبة بفقدان حكمه للشرعية جعله يسعى الى تثبيت تلك الشرعية المفقودة من خلال العودة/الركون الى ماضي شرعية الـ 50 سنة كفاح...ألخ
ان الحنين لبورقيبة هو ليس الا وجه من وجوه اخفاق و عطالة الفكر السياسي السائد في تونس.انه نفس الفكر الذي لم يقطع صلاته العضوية مع السيستام الحاكم و الذي يبحث له دوما عن مخارج لازماته و عن متاريس للحفاظ على مصالحه في مواجهة الهبات الاجتماعية المواطنية ذات المصالح و الطموحات المتناقضة جوهريا مع السيستام و مع كل من ينتجه و يعيد انتاجه.انه نفس الفكر الذي يجزع من الانتفاضة الشعبية فيرتمي في احضان السفارات و عواصم النهب الراسمالي لعرض خدماته .
0 التعليقات :