الثلاثاء، 25 فبراير 2014

هَذَا اللَّــيْلُ لا يأتي دَائِمـاً كَمَا تَشْتَهِـي ~ الشاعر التونسي سامي السنوسي~

من طرف Unknown  |  سياسة :

هذا الليل لا يأتي دائما كما تشتهي

   ~سامي السّنوسي~


في آخر الليل الذي لا يأتي دائما 

كما تشتهي ،

توشك لحظة الموت على البداية ...

ما مضى من عمرك يأتيك حافيا حتى من الشِِّْعر ،

والأصدقاء 

حبيبات توّزعن شظايا ...

كيف ستُمسك بلحظة الخلق ،

إنْ تراءت لك النهاية ؟

………………

تأتيكَ اللغة فتأبى ، 

و تأتيكَ الذّكرى ، ثُمَّ تأبى ...

كأنَّكَ صخرُُ مِنَ الْمعنى !

آلتْ إليكَ النهاية،

فقطفْتَ الأرجوان لتَخُبَّ خجل الحقيقة من الغابرِ فيك !

عُمْرُُ مَرَّ سريعا كاللُّغة ، 

والكرى الذي غادر جفنك منذ قليل يأبى البكاء ، 

فَلِمَ تسترقُّ الدمعَ في آ خر الليل الذي لا يأتي دائما كما تشتهي ؟ 

وتخبو سريعا كالنار في الماء؟ 

أمٌك ها هنا، أبوك ، إخوتك وما تيسَّر من الأصدقاء ،

حبيباتُُ يعِدْنَ و لا يعُدْنَ .....إلا فتنة في الذاكرة 

ابنُُ يطلّ منْ شُرفة الروحِ يشقى حين تشتهي و لا تستطيع ،

حروفُُ أينعت و حان وقت قطافها تئن من عطشِِ في الوتر ....

في آخر الليل الذي لا يأتي دائما 

كما اشتهي ،

تمرّ سريعا كل الصور ، فأغشى 

وأنسى سريعا ما مضى من عمر قصير ،

على حافة الروح أمشي ، وفي ركن صغير من القلب أطفو كالشهداء ....

من مِلح ما تركوا ،

أشيِّدُ البحرَ من جديد 

و أ علّم الحوت طقوس الغناء ،

لِيَعلو هذا النشيد ؛

الماء لعبة غامضة ،

و الموت ساحة ضياء ..

تُجمِّع كل الذين أحببت ،فهلكوا

حين اشتركوا في الحلم البسيط 

في آخر الليل الذي لا يأتي دائما 

كما تشتهي....

( الإبن)

عارُ ُ عليك يا أبي،

في غفلةِ ِ من عناقي لك،

تدسّ في أثوابي كلّ خطاياك دُفعة واحدة!

و تهمهم غائما ،امْسحها عني يابُنَي 

( كم عمرا يلزمني لأُزحزح عن صدرك واحدة !)

الجرعةُ أقوى مِنْ احتمالي ،

وأنا الرضيع تلبسني حلّة المقاتل !

لا أسنان لي لأنهش من بارك ألمك ...

لا صوت لي لأهتف بهم ،كفّوا(و لن يكفّوا) 

عن أكل لحمك .

انتظرْ قليلا، 

سترى ما أعدّوا لك من المكائد ،

هذا الجبّ لم يكن لي بل كان لك! 

فاحترس منهم (و لن تحترس) لأنك أوّلُ من هلك.

و ابتسم حتى لا تثير الشّفقة ،

وانْسَ قليلا رغبة القلب في الانحناء و البكاء .

و لتكن ما كنتَهُ منذ قليل، يا نبي !

شاعرا لا يخاف الاقتحام 

(و رأيتُني عاليا كالسماء،

فعشقتُ عمري لو يطول ..

وسمعتُ صوتا ينادي أنِ ِ اقتحمْ !

قد كنتَ صرحا ،فاستقمْ 

لتعيد لغة القلب إلى القلب )

واجعلْ مني شكلا آخر للحياة .

سيأتي الليل هذه المرّة ، اقسم 

فانتظرْ آخره الذي لا يأتي دائما كما نشتهي...

(الأمّ)

حين كنتُ طفلا،

وعدتها أن أكبر .

ها أني على عتبات الأربعين ،

لم أحقق لها حلما واحدا ،حتى في أن أكبر!

الدمعة النائمة في أعماق الحدقة ،

لم يمسحها منديلي ..

الذاكرة المفتوحة على الألم ،

لم يكتب فيها قلمي فرحا واحدا 

لتغيير المفردات الداكنة ...

انتظارُ ما سيجيء به الأبناء بعد قليل ،

أصبح أبديا كسفري الدائم نحو المجهول

و الليل يأبى أن يأتي كما اشتهي ...

أما زلت بعد كلّ هزائمي تحبينني 


كما اشتهي؟

0 التعليقات :

الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

© 2013 . . تصميم من
قوالب بلوجر . تدعمه Blogger .