حوار مع زياد بن عمر الجامعي والمسؤول النقابي باتحاد الاساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين المزيد على دنيا الوطن
زياد بن عمر الجامعي والمسؤول النقابي باتحاد الاساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين :
لا بد من إرساء قواعد الحوكمة الموضوعية والعلمية لتـأسيس إصلاح جامعي جدي.
حاوره حاتم النقاطي
بعد أربع سنوات من الثورة لازال الجامعيون التونسيون يتطلعون الى اصلاح جامعي شامل للمنظومة الجامعية التي عانت من اختيارات بحاجة لاعادة الوعي والنظر ضمن تشاركية جادة بين كل الأطراف الجامعية النقابات الممثلة للأساتذة و الطلبة من جهة ووزارة الاشراف من جهة ثانية .
لا زال الجامعيون ينتظرون بجدّ فتح الوزارة لأبوابها للجامعيين للاستماع لتظلماتهم التي وصل عدد منها للقضاء الاداري في ظل صمت و استقالة وممارسة لسياسة الهروب الى الأمام من الوزراء المتعاقبين على السيادة . هو اصلاح يريده الكل مؤسسا للحوكمة ومقتضيات حفظها للحقوق الجامعية المادية والمعنوية للجامعي تخليصا لهذه المؤسسة الجامعية من فساد طال هياكل البحث و التأطير و اللجان العلمية.
و لعل هذ الاصلاح لن يكون ممكنا إلاّ بتحرك جدي ومسؤول من هياكل التمثيل النقابي للقاعدة الأستاذية في سعييها للانفتاح على شواغل وتطلعات الجامعيين وصولا لجامعة ديمقراطية تناضل من أجل حرية وكرامة الأستاذ . ولعل هذا الحوار هو وجهة نظر نقابية تعي بضرورة الاصلاح .
لقد انتهت يوم 08 مارس أشغال الملتقى الوطني لإنابات نقابة إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين "إجابة" قد ضم هذا الملتقى الأساتذة والباحثين المنتخبين بكامل المؤسسات الجامعية على المستوى الوطني وأعضاء الإنابة الوطنية للنقابة ولقد تواصلت أشغال هذا الملتقى يومي 07 و-08 مارس و للوقوف على هذا الحدث واستجلاء لمحاوره و أبعاده نلتقي الاستاذ زياد بن عمر المنسق العام المساعد للنقابة.
ماهي أهم محاور هذا الملتقى ؟
- منذ أن عقدنا مؤتمرنا وإنتخابنا لمكتب وطني ونحن حريصون على إبقاء التواصل والتحاور مع جميع منخرطينا بمختلف الانابات وفي هذا الإطار يدخل هذا الملتقى ذلك أنه يجمع ممثلي الانابات المنتخبين وأعضاء المكتب الوطني لإجابة و المحاور التي تطرقنا لها تتعلق أساساً بتدعيم و تطعيم التعمق في مشروعنا الإصلاحي الذي قدمناه للجامعيين ولسلطات الإشراف عدة مرات في شكل كتيب ويهدف هذا الملتقى إلى التنسيق ما بين مختلف إناباتنا بمختلف المؤسسات الجامعية من أجل تحقيق نجاعة أفضل في التواصل مع زميلاتنا و زملائنا الأساتذة الجامعيين والباحثين وتبليغهم رؤانا وافكارنا ومنهجنا في العمل النقابي كما تطرقنا إلى السبل الممكن اتخاذها من أجل تفعيل آرائنا ودراساتنا وتشخيصنا للوضعية الحالية للتعليم العالي والبحث العلمي بتونس والدفع نحو إصلاح جذري وجدي لهاتين المنظومتين كما تم تدارس برامج النقابة على المستوى المتوسط والبعيد وتحديد الأولويات العاجلة وعلى رأسها العمل من أجل تدعيم حضور نقابتنا على المستوى الوطني لما نحمله من أفكار وبرامج ورغبة في إرجاع الجامعي والجامعة للمكانة التي تستحقها.
ما الذي انتهيتم اليه من قرارات ؟
- بالنسبة للتحركات النقابية النضالية المستقبلية فهي تبقى رهينة أوضاع وفرضيات مختلفة لا يمكن تحديدها مسبقاً ذلك أن الأحداث إلى جانب آراء منخرطينا هي التي ترسمها.
أما بالنسبة للخصوصية التي تتميز بها نقابة "إجابة" والمتمثلة، علاوة على المطلبية الكلاسيكية، في الإنخراط في البحث والتفكير والدراسات وتقديم المشاريع والرؤى بطرق علمية مدروسة فإننا قررنا المضي قدماً في هذا الإتجاه وسوف نقوم بنشر جملة من الدراسات والمقترحات في القريب العاجل تهم الجامعة والجامعيين؛
كما أجمع المشاركون في أشغال الملتقى على استعدادنا الكبير للعمل مع كل الأطراف الراغبة في تغيير الوضع الراهن بالجامعة والذي يتسبب في هجرة الآلاف من الجامعيين ويهدد أصلاً مستقبل الجامعة العمومية
يتحدث العديد من انصاركم عن تغييب مقصود لنقابتكم من سلطة الاشراف فهل اتخذتم خطوات جادة للتحرك ضد هذا الفعل الذي يتنافى مع مشروعية وجودكم ؟
- بالفعل فإن الوزراء الذين تحملوا المسؤولية منذ تأسيس نقابتنا وإن كانت لنا معهم حوارات ولقاءات فإنهم لم يكونوا جادين في التعامل مع ما قدمناه من دراسات وأبحاث وذلك نتيجة عوامل وضغوطات خارجة عن نطاقهم حسب تعبيرهم ونحن أحسسنا بنية واضحة من أجل قطع الطريق أمام افكارنا بمحاولات منعنا من الحديث للجامعيين من خلال الضغط على وسائل الإعلام حتى لا تعطينا منابرً وأنا لا أعتقد أن الوزارة متورطة في هذا بل أطرافاً أخرى لا تريد الخير للجامعة و للجامعيين.. ولكن وإن غيبنا في المفاوضات الإجتماعية سنة 2012 فإننا تحملنا مسؤولياتنا وأضربنا لنمنع الإتفاق الوشيك بزيادة في الأجور تقدر ب-18% و الذي كان سوف يحصل بين الأطراف المتفاوضة آنذاك ولقد حقق الإضراب أهدافه إذ وقع ترفيع النسبة إلى 28% نتيجة تجاوب الجامعيين مع مطالبنا التي قدمناها بطريقة مدروسة وعلمية وانخراطهم في الإضراب الذي نادينا به.
إن طريقة عملنا والمتمثلة في مخاطبة الجامعيين وتفسير أهمية الإصلاح تجعل منا طرفاً فاعلاً بالجامعة التونسية تسمع آراؤه ويؤخذ بها وهذا هو المهم وحتى وإن لم ننجح في تغيير القانون الإنتخابي فإننا فرضنا هاته المسألة على طاولة النقاش مع الوزارة ووقع الأخذ بجزء من آرائنا ولكننا لن نتخلى عن هذا المطلب وسوف نواصل تحسيس الزميلات والزملاء والرأي العام بأهميته حتى يأتي اليوم الذي سوف يتحقق ودمقرطة الهياكل البيداغوجية والعلمية هو حتمي من أجل إرساء قواعد الحوكمة الموضوعية والعلمية كلبنة أولى نحو إصلاح جدي.
أما بالنسبة للوزير الحالي فإننا سوف نتصل به في الأيام القادمة من أجل طلب جلسة عمل وتقديم ابحاثنا وآرائنا ومشروعنا الإصلاحي وبحث سبل التواصل والتعاون مع الوزارة ونحن لا نعتقد أنه سوف يقع تغييب نقابتنا ذلك اننا أصحاب فكر ورؤًى وإصلاح وبرامج والمصلحة الوطنية ومصلحة الجامعة التونسية تقتضي الإصغاء لكل الأطراف وكل محاولات إقصاء يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير محمودة العواقب وكما ذكرت لك على الرغم من الصعوبات في السابق فإن الإتصال لم ينقطع مع سلطات الإشراف وأنا لا أرى أي مبرر لأن تنقطع مع الوزير الحالي على الرغم من وجود رغبة من أناس غير ديمقراطيين في إحتكار العمل النقابي وهم أقلية.
هل من تفكير في بناء استراتيجية مستقبلية لتوحيد تحركاتكم المقبلة مع الجامعة العامة للتعليم العالي ضمانا لفاعلية الضغط على سلطة الاشراف لاستجابتها لمطالب القطاع ؟
- منذ تأسيسنا ونحن نجدد النداءات لقيادات الجامعة العامة للعمل على جملة من المسائل بصفة مشتركة ولكن جوبهت كل نداءاتنا بالرفض وأنا استغل هاته الفرصة لأؤكد أن مشاكلنا الحقيقية هي مشاكل القطاع والوضعية المزرية للجامعيين والحالة التعيسة للمؤسسات الجامعية بالمناطق الداخلية وإنعدام المتابعة تجاه جملة من التجاوزات غير العلمية وإنعدام الهيكلة الديمقراطية بالجامعة لذلك فإننا لا نحمل أي تعالٍ أو تحامل على الجامعة العامة بل بالعكس فنحن في تواصل وتحاور مستمر مع منخرطيها بعديد المؤسسات ونحن في نقابة "إجابة" وبحكم خصوصية قطاعنا فإننا خيرنا التنظم في هيكل نقابي مستقل عن أية مركزية نقابية حتى نكون وحيدين في أخذ قراراتنا كما فعلت قطاعات أخرى لها خصوصياتها و الهدف الأساسي لنقابتنا هو الرفع في سقف مطالبنا وهذا الإختلاف الإستراتيجي ما بيننا وما بين الجامعة العامة نعتبره عامل إثراء وتحفيز ورقي بالعمل النقابي وما نأسف له هو بعض المواقف الإقصائية السلبية من بعض القياديين في الجامعة العامة ولكن نحن واثقون أن العقليات سوف تتغير في المستقبل وسوف يأتي يوم يمكن أن نتحرك فيه معاً ذلك اننا لا نرفض مد أيادينا لكل ما من شأنه أن يخدم مصلحة الجامعيين والجامعة.
يرى العديد من الجامعيين أن وزارة التعليم العالي لم تتقدم نحو مقتضيات الثورة ومتطلبات اصلاحها فما الذي ترونه ممكنا في ظل هذه المواصلة الواضحة منها لغلق أبوابها في وجه الاساتذة و ممثليهم ومقتضيات الاصلاح؟
- كما ذكرت لك في السابق فنحن صغنا مشروعاً إصلاحياً متكاملاً وهو الآن منشور على الشبكة العنكبوتية ولقد شارك في صياغة هذا المشروع أكثر من ألف جامعي ونحن نعتبر بكل تواضع وبكل موضوعية أن هذا المشروع هو أحسن ما قدم على الساحة الجامعية ومن أهم ما ورد في هذا المشروع هو ضرورة أن تكون الهياكل البيداغوجية والعلمية مبنية بطريقة تراعي الكفاءة والديمقراطية في نفس الوقت وهذا شرط أساسي للحوكمة الجيدة والمتابعة والتقييم وتكريس آليات الجودة والإعداد لإصلاح جذري يشارك فيه الجامعيون والطلبة وكل الأطراف المتداخلة في الجامعة. وما يزعجنا هو انخراط عناصر متنفذة ومنتمية لجهات متعددة في النسيج الجامعي تتحمل المسؤولية في الوضعية الحالية المتدنية للتعليم العالي في تعطيل كل نفس إصلاحي ودعم أطراف الرداءة بالجامعة ويبقى دورنا هو تحسيس الرأي العام وإقناع سلطات الإشراف أو الظغط عليهم حتى يتجاوبوا مع مطالب الإصلاح وفي ذلك مصلحة للوطن ومصلحة للجامعيين ومصلحة لهم وسوف تبقى نقابة "إجابة" مناضلة متحدية من أجل جامعة عصرية، علمية، حديثة و ديمقراطية تحفظ كرامة الأستاذ وتشجع العمل والرؤى ومجتمع المعرفة.